في ظل تصاعد التوترات الأمنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أعلنت عدة شركات طيران دولية، اليوم الأربعاء، تمديد تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل، وذلك بعد تنفيذ قوات صنعاء (الحوثيين) ثلاث عمليات صاروخية خلال أقل من 24 ساعة، استهدفت مطار اللد المعروف باسم “مطار بن غوريون”، أبرز المطارات الإسرائيلية.
وتأتي هذه التطورات في إطار الحظر الجوي الشامل الذي تفرضه صنعاء منذ أشهر على المطارات والمنشآت الجوية الإسرائيلية، في خطوة قالت إنها تهدف للضغط من أجل إنهاء العدوان على قطاع غزة، ووقف المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين هناك.
تأجيلات متعددة تشمل أبرز شركات الطيران الأوروبية
وبحسب صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية، فإن شركة ريان إير الأيرلندية للطيران منخفض التكلفة قررت تأجيل استئناف رحلاتها الجوية إلى إسرائيل حتى الرابع من يونيو المقبل، بعد أن كانت قد خططت لاستئنافها خلال شهر مايو الجاري.
كما أعلنت شركة إيزي جيت البريطانية، وهي من أكبر شركات الطيران الاقتصادي في أوروبا، تمديد تعليق رحلاتها إلى نهاية يونيو، مشيرة إلى أن الوضع الأمني غير المستقر في المنطقة هو السبب الرئيسي وراء القرار. ولفتت الشركة إلى أن الركاب الذين حجزوا مسبقًا تلقّوا إشعارات تتضمن خيارات متعددة، من بينها استرداد قيمة التذاكر أو الحجز على رحلات بديلة.
أما شركة إيجيان اليونانية فقد أرجأت استئناف عملياتها الجوية حتى 19 مايو الجاري، وهي الأخرى تراقب الأوضاع الأمنية عن كثب قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن استئناف الرحلات.
رعب في المطارات ومراجعات أمنية
تأتي هذه القرارات بعد إعلان المتحدث العسكري باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، صباح الأربعاء، عن تنفيذ ثلاث عمليات صاروخية متتالية استهدفت مطار اللد باستخدام صواريخ باليستية متطورة، بينها صاروخ فرط صوتي. وأكد سريع أن الصاروخ “حقق هدفه بدقة، وأدى إلى توقف حركة الملاحة الجوية في المطار لأكثر من ساعة، ودفع ملايين الإسرائيليين إلى الاحتماء داخل الملاجئ”، وهو ما أثار صدمة في الأوساط العسكرية والمدنية الإسرائيلية.
كما أشار إلى أن إحدى الضربات نُفذت مساء أمس، واستُخدم فيها صاروخ من طراز “ذو الفقار”، وهو من الصواريخ بعيدة المدى التي طوّرتها القوات المسلحة اليمنية. ولفت سريع إلى أن هذه العمليات تأتي في إطار دعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة، والضغط لوقف الحرب والإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون، على حد وصفه.
قرارات مرتقبة لشركات كبرى.. والتجميد قد يطول
على الرغم من إعلان شركات مثل “لوفتهانزا”، و”ويز إير”، و”طيران بروكسل”، و”يورو وينجز”، و”الخطوط الجوية السويسرية”، نيتها استئناف الرحلات إلى تل أبيب ما بين 18 و19 مايو، إلا أن تكرار الهجمات الجوية وتوسع الحظر الجوي اليمني يجعل من المتوقع أن تعيد تلك الشركات النظر في جداولها التشغيلية، خاصة مع تزايد المخاوف من مخاطر أمنية غير مسبوقة.
وفي هذا السياق، كانت شركة “طيران كندا” قد قررت بالفعل تمديد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى 8 سبتمبر المقبل، في خطوة وُصفت بأنها إشارة واضحة إلى عمق المخاوف لدى شركات النقل الجوي العالمية بشأن سلامة العمليات الجوية في الأجواء الإسرائيلية.
أبعاد استراتيجية متصاعدة
يبدو أن تداعيات التصعيد العسكري من جانب صنعاء لم تقتصر على التأثير المباشر في حركة الطيران، بل أثارت أيضًا قلقًا متزايدًا داخل الأوساط الأمنية والدبلوماسية الدولية، في ظل احتمال تطور القدرات اليمنية إلى مستوى يهدد ليس فقط المنشآت العسكرية بل أيضًا الحيوية منها، مثل المطارات والبنية التحتية الاقتصادية في عمق الأراضي المحتلة.
ويؤكد محللون أن قرار الحوثيين بإغلاق الأجواء الإسرائيلية، والنجاح الظاهري في تعطيل مطار بن غوريون لعدة ساعات، يشكل تطورًا مهمًا في أساليب “الردع غير المتكافئ”، ويعزز من النفوذ السياسي والإعلامي لقوات صنعاء في المشهد الإقليمي.
مستقبل الطيران في المنطقة.. ضبابية وارتباك
في ظل هذه المستجدات، تتجه شركات الطيران العالمية إلى تقييم المخاطر بشكل مستمر، وربما اعتماد استراتيجيات تشغيل بديلة، بما في ذلك استخدام مطارات بديلة خارج إسرائيل، أو إعادة توجيه الرحلات إلى دول مجاورة، لحين اتضاح الموقف الأمني.
وتبدو الأجواء الإسرائيلية اليوم أكثر هشاشة من أي وقت مضى، مع توجّه الأنظار إلى مدى استعداد إسرائيل للتعامل مع موجة جديدة من الهجمات الصاروخية، والآثار المتزايدة لعزلة جوية محتملة قد تمتد في حال استمرار العمليات العسكرية اليمنية وغياب أي أفق سياسي لوقف الحرب على غزة.